الأبيض، وأكثرهم مستقرون يمارسون الزراعة، ولهم في " البطانة " شعبة صغيرة تعيش عيشة البداوة. كذلك العمريون أو أولاد عمر، لعلهم دخلوا السودان على فترات، ومنهم طائفة كانت في حملة قلاوون التي أشرنا إليها. وربما دخل فريق منهم في أيام الظاهر بيبرس. فقد ورد في مخطوط قديم لأحد نسابة السودان كلام عن جماعة العواصم قال " وهم آل عاصم بن عامر بن نصير العمري من بني عمر بن الخطاب، وكان أول سكونهم بمصر، ففروا إلى أرض السودان في أيام الظاهر بيبرس ". أما العباسيون، فكانوا أكثر عدداً في السودان. واشتهر الجعليون في السودان بأنهم عباسيون. والظاهر أن هذا اللفظ لم يكن يراد به اتجاه سياسي معين لهذه القبائل المهاجرة، فلعله أريد به مجرد النسب الشريف الذي يميزهم عن الطالبيين خاصة. ففي تلك المرحلة التي غذت السودان بمعظم الهجرات العربية، كان اللفظ في أوساط العرب ولا سيما أهل البادية، أدل وأكثر اشتهارا على إحدى الطائفتين الشريفتين في بني هاشم، ونحن نعلم أنه كانت هنالك نقابة لهما، ثم أصبح لكل فريق منهما نقيب خاص في بغداد. وليس من اليسير أن نرجع المجموعة الجعلية إلى بطونها الأولى في مصر. ولكن موقعها الجغرافي على نهر النيل ما بين الخرطوم وبلاد النوبة، وانتشارها من هذا المركز في شعب وفروع نحو البطانة والنيل الأزرق، ونحو النيل الأبيض جنوب الخرطوم، ونحو الغرب إلى كردفان - كل ذلك يحمل الدليل على أن هذه المجموعة قد دخلت السودان من الشمال من طريق وادي النيل. وليس في أقوال الرواة عن أصل تسمية " جعل " ما يرشدنا إلى معرفة نواة القبيلة أو المجموعة في شمال الوادي. ويختلف النسابة في أصل التسمية على قولين: القول الشائع أن إبراهيم الهاشم، جد الجعليين كان جواداً كريماً، وأنه كان يقول للجماعات التي تنضوي تحت لوائه: جعلناكم منا، فسمي لذلك جعلا. وفي مخطوط سوداني يرجع إلى ١٢٧٧هـ ١٨٦٠م أنه لقب جعلا " بضم الجيم " لسمرته الشديدة ومنظره. والواقع أنه لم يرد لفظ جعل ومشتقاته في أسماء قبائل العرب القديمة إلا في قبيلتين: إحداهما جعال بن ربيعة، حي