جهات سيناء. ولقد كان الباحثون - إلى عهد قريب - يعتمدون على أقوال المؤرخين وحدها، في إثبات تسرب آثار النبط إلى مصر، حتى استطاعت الكشوف الأثرية أن تدعم هذه الأقوال، وتزيد عليها، وتعين أماكن كثيرة في منطقة سيناء، وفي الصحراء الشرقية، كانت مراكز لهؤلاء الأنباط. وقد أثبتت الأبحاث الأثرية الأولى وجود نقش نبطي شرقي الفرما عام ١٩١١ وفي تل الشقافية في وادي طميلات عام ١٩٢٤ ونقوش أخرى تثبت أن تجار النبط كانوا يترددون على الصحراء الشرقية، ثم استطاع الأستاذ إنولتمان أن يعثر على نقوش أخرى نبطية في الصحراء الشرقية ونشرها في سنتي ١٩٥٣، ١٩٥٤ في مجلة " BSOAS " ثم جمعها في كتاب، أورد فيه ٨٣ نقشاً أو خربشة عُثر عليها في ستة عشر موضعاً تمتد من سيناء شمالاً، وتتجه إلى الجنوب، في الصحراء الشرقية، حتى تبلغ صعيد مصر الأعلى. هذه المواضع هي: شمالي أبي درق أم دمرانة - بير الدخل - مكان بالقرب من راس جمسه - بير أم ضَلفه - بير أم عَنَبْ - بير الجضامي - حمامة - قصور البنات " طريق الحمامات " - أبو قويع - محطة الحمرا - شمالي وادي زيدون - منيح - منيح الحير - تل الشقافية - كتيب القلس. ومن دراسة هذه النقوش تبين أن بعض أربابها كانوا من أصحاب القوافل الذين كانوا يتاجرون في مصر، إذ ورد في ثلاثة نقوش منها لفظ يدل على أنهم كانوا من الأبالة أي أصحاب الإبل. وفي نقش أو نقشين ما يدل على أن جماعة من صناع النبط قد استقروا في بعض مناطق الصحراء الشرقية. واتضح - أيضاً - أن تجار النبط لم يتخذوا مصر مجرد معبر يمرون منه إلى مناطق أخرى، بل كان لهم مؤسسات ينزلونها، ومعابد يتعبدون فيها. فقد عثر في جهة " قصر الغيط " الذي لا يبعد كثيراً عن الفرما، على أساسات أبنية نبطية لم يظهر فيها إلا آثار أحد المعابد ويذهب الباحث " كليرمو جانو " إلى أن النبط كان لهم مستعمرة في وادي طميلات ينزلون فيها. ومن الملاحظ أن المسافرين الأنباط استخدموا الطرق التي كان قد حصنها أو قام بحراستها الرومان. وكان الرومان حريصين على أن يتخذوا لهم طرقاً في الصحراء الشرقية يستخدمونها في تنقلهم من