إلى موضع آخر ففزعنا جميعنا جميعاً وطارت عقولنا مما رأينا فلما وضعه في الموضع الذي وضعه فيه وقع حجر من حجارة المنجنيق في الموضع الذي كان فيه قاعداً لم يمل عنه يميناً ولا شمالاً فلما وقع الحجر في ذلك الموضع وأتلفه قال مولانا السلطان لذلك الرجل من أنت يا أخي الذي من الله بك علي. فقال أنا والله أخوك حقيقة وأبى والله وأبوك داود المؤيد وأمي الجارية فلانة ولكني أخذت من بطن أمي فربيت مع الجن حتى صرت كما ترى. ولما رأيت أن هذا الحجر قاتلك لا محالة حملتك عن ذلك الموضع محبة لك وشفقة عليك واعلم يا أخي أنى قد أنفقت أنا وصاحب الحصن بصيبص أن نقاتل معك في اليوم الفلاني فاجمع من معك لذلك اليوم فأنا سنبلغ ما نريد من نصرك واستودعك الله ومضى. فدخل في الموضوع الذي خرج منه ثم أقبلت والدته موالينا جهة صلاح رحمة الله عليها وهي طائرة العقل على ابنها فلما وصلت إليه جلست عنده تستخره عن ذلك الرجل وما كان منه فاخبرها بما قال ثم سألها عن الجارية فقالت صدق والله ولقد كانت حاملاً لأبيك حتى أشرفت على الولادة فأصبحت يوماً من الأيام وقد مسح ولدها من بطنها وكأنها لم تكن حاملاً ولم يظهر لحملها اثر بعد ذلك وعاشت بعد ذلك مدة وهلكت. ولما كان اليوم الذي وعده فيه بنصرته جمع السلطان أصحابه وخرجوا للقتال فأثروا فيهم أثراً ظاهراً على قلتهم وكثرة العدو. وما هو ألا بقتال قوم آخرين والله اعلم.
ولما كان يوم العاشر من شوال هم المماليك برفع المحطة ونزول البهائم فتعب من ذلك ابن الدويدار فاجتمع بهم وفتح عليهم الرأي فقالوا نحن بلا جامكية فأعطاهم ألف دينار فاقتسموا الألف وأقاموا.
وفي هذا التاريخ قصدت المعازبة القحمة وأخربوها وكانت إقطاع الشريف داود بن قاسم بن حمزة فلما بلغه الخبر بخرابها نزل ونزل معه جماعة من المماليك مغيرين فقتلوا من المعازبة طائفة وتراجعت القحمة وابتنى الناس بيوتهم فيها فأصلحوا مساكنهم.
وفي هذا التاريخ اقبل الزعيم في العساكر من أصحاب صعدة والأكراد