في جحفل ستر العيون غباره ... فكأَنما يبصرن بالآذان
وفوارس تحيي الحمام نفوسها ... فكأَنها ليست من الحيوان
وفي سنة تسع وسبعين وسبعمائة برز أمر السلطان بعديد النخيل من وادي زبيد وكان قد تضرر منه أهله وانقرض منه شيء كثير. وكان من جملة المندوبين عبد الرحمن بن الوجيه. فلما تقدم المذكور إلى التخيل من جملة الجماعة المندوبين رأى رجلاً يقطع نخلة مثمرة فعنفه وتوعده ووبخه وتهدده فسقطت النخلة عليه وهو على دابته فقتلتهما معاً فاعتبر به الباقون من أصحابه. والسعيد من وعظ بغيره. فكان عديد النخيل في هذه السنة المذكورة أول حسنة من حسناته. ثم برز أمره العالي على وزيره القاضي تقي الدين عمر بن أبي القاسم معيبد يأمره بالتقدم إلى الأعمال الرحبانية لأمر أوجب ذلك. وكان الوزير المذكور حسن السياسة. كامل الرياسة. فأقام بها مدة يقرر أحوالها. ويستخرج أموالها. ونزل السلطان النخل فأقام فيه مدة. ثم تقدم إلى البحر ثم ارتفع إلى زبيد في آخر شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.
ولما انقضى رسم النخل بوادي زبيد تقدم السلطان إلى محروسة تعز في آخر الشهر المذكور. ووصل الوزير من الجهات الشامية إلى تعز المحروسة وكان دخوله تعز يوم الثامن من شهر جمادى الآخرة.
ثم عزم السلطان على نزال تهامة فكان خروجه من تعز يوم الاثنين السادس عشر من الشهر المذكور. فأقام فيها بقية جمادى ورجباً ونصف شعبان. وفي مدة إقامته أَمر القاضي موفق الدين علي بن محمد بن سالم مشدّاً في زبيد وناظراً بها.
ولما انقضى النصف من شعبان عزم على الطلوع إلى تعز بسبب الصيام فكان جخوله تعز الحادي والعشرين من شعبان المذكور. فأقام بها إلى عيد الأضحى. وكان صيامه رمضان في مدينة تعز. ولما انقضت أيام عيد الأضحى تقدم السلطان إلى زبيد فدخلها يوم السادس عشر من ذي الحجة.
وفي هذه السنة توفي الشيخ الأَجل فخر الدين أبو بكر بن إبراهيم اليونسي