وقتل عمار بن الشيبانيّ. وكان عمار مطيعاً ممتنعاً على حصونه. فوفد إليه الأديب محمد بن حمير الشاعر المشهور. فأَقام على باب داره ساعة من نهار فلم يأذن له فكتب إليه رقعة يقول فيها:
يا البابٍ أصلحك الله أمرُْ لسن ... أَمضه السير والإدلاج والسهر
وافى إلى أرض خولان فصادفها ... مثل القتادة لا ظل ولا ثمر
فلما وقف على رقعته وقع على ظهره كتاباً يقول:
بل كالغمامة فيها الظل والثمر
ثم أذن له فأكرمه وأنصفه وأقام عنده أياماً ثم انصرف عنه فلقيه جماعة من عبيد عمار فنبهوه وأخذوا ما معه. فاتهم عماراً ووقع في خاطره أنه الذي أمرهم بذلك. ثم قدم على السلطان نور الدين فانشده في مجلس الشراب.
ما شاق قلبي أَمراجُ وأَكواد ... ولا شجتني أَعلامُ وآثارُ
ولا أُسائلُ أَهل النجد أن نجدوا ... ولا أُسائلُ أهل الغوْر أن غادروا
قد يزأر الذئب إذ لا حولهُ أَسدُ ... ويصهل العيرُ أن لم يلق خطارُ
سررت باليمن الخضراء حين صفت ... لابن الرسول فما من تلك أَكدارُ
وكان فيها عطاريدُ زعانفة ... فما بقي من بني البظراء ديَّارُ
لكن بقي فردُ ثؤلولٍ تعاب بهِ ... والنار تسهل مركوباً ولا العارُ
أن قلتُ لم يبق سلطان سوى عَمر ... قالوا بلى وبقي السلطان عمارُ
أو قلت لا قصرَ إلا قصرُ دُملؤَه ... قالوا براشُ يُمين القصرُ والدارُ
أو قلت ما أحسنَ المعشارَ من جؤة ... قالوا وليس إلى ذبحان معشارُ
فخذ يمنياً ولا تقبل معاذره ... فالكلب حيث خلا بالعظم جبارُ
لم يتفق قط سلطانان في بلد ... هل يدخل الغمد بتَّارُ وبتارُ