وقد ملأت عرض الفيافي جنوده ... وطبقت الدنيا خيولاً مواكبه
فلو كان يغني في الدرى دفع دافع ... لردت وجوه الحطب عنه كتائبه
ولكنها الأقدار تنفذ في الورى ... بأمر إله أمره لا نغالبه
فيا لهف نفسي كيف أطفئ نوره ... وكيف خبا بعد الإضاءة ثاقبه
وكيف أصابته المنايا بسهمها ... ولم يغن عنه جيشه ومقانبه
فيا أيها الباكون حول ضريحه ... على مثله فليسكب الدمع ساكبه
فجعتم بملك كلاب البر مشفق ... بوادره مأمونة وعواقبه
فقدتم به ما تعلمون من الوفا ... ومن كرم ما خاب في الناس طالبه
إذا أوعد الجاني تغشاه عفوه ... وإن وعد العافي غشته مواهبه
وما عذر عين لم يفض فيه ماؤها ... وما غدر صبر لم تداع جوانبه
عليكم له حق فوفه حقه ... وكيف يوفى بالمدامع واجبه
فوالله لو تبكى الدماء عيوننا ... لما قاربت من حقه ما يقاربه
لقد كان منا يحسن الموت بعده ... لو أن أمراً قد مات إذ مات صاحبه
ولولا الذي نرجو ونعلم إنه ... ممهدة أعلى الجنان مراتبه
وإن له في حضرة القدس منزلاً ... يشاهد منه ربه ويخاطبه
لما انفك دمع العين حزناً وحسرة ... عليه من الباكين تجري شعائبه
فلا يخدعن الدهر من بعده أمراً ... فما الدهر الا ضيغم أنت راكبه
يصافى الفتى حتى يرى فيه فرصة ... فينشب فيه نابه ومخالبه
أبا أحمد أسلمت أمة أحمد ... إلى أحمد فاستسلم الحق صاحبه
وقام بأمر الله من بعد ما عفت ... معالمه فينا وغارت كواكبه
وشمر عن ساق امرئ همه العلى ... يجاذب من أطرافها وتجاذبه
وأمن من خوف وقرب من نوى ... وساس البرايا وهو ماطر شاربه
ودانت له الدنيا وأذعن أهلها ... وأرضت صعاب الحادثات تجاربه
كريم أهان المال بذلا ومن يهن ... لسائله أمواله عز جانبه