فإذا هي فاقدة عقداً لأختها أسماء كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي كانت فيه، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون بها فحملوا الهودج، حملة رجل واحد، وليس فيه أحد، فرحلوه على البعير ولم يستنكروا خفته لتساعدهم عليه، ولأن عائشة رضي الله عنها كانت في ذلك الوقت لم تحمل اللحم، بل كانت طفلة في سن أربع عشرة سنة.
فلما رجعت وقد أصابت العقد لم تر بالمنزل أحداً، فجلست في المنزل وقالت: إنهم سيفقدونها فيرجعون إليها، والله غالب على أمره وله الحكم فيما يشاء.
وأخذتها سنة من النوم فلم تستيقظ إلا بترجيع صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني، وكان قد عرس في أخريات القوم، لأنه كان شديد النوم كما جاء ذلك عنه في رواية أبي داود، فلما رأى أم المؤمنين قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم أناخ بعيره فقربه إليها، فركبته، ولم يكلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا ترجيعه، ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة.
فلما رأى ذلك الناس تكلم المنافقون بما الله مجازيهم به، وجعل عبد الله بن أبي الخبيث مع ما تقدم له من الخزي في هذه الغزوة يتكلم في ذلك ويستحكيه، ويظهره ويشيعه ويبديه.