ولما أنزل الله عز وجل على رسول {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب إلى الجهاد، وأعلمهم بغزو الروم، وذلك في رجب من سنة تسع، وكان لا يريد غزوة إلا ورى بغيرها، إلا غزوته هذه، فإنه صرح لهم بها ليتأهبوا، لشدة عدوهم وكثرته، وذلك حين طابت الثمار، وكان ذلك في سنة مجدبة، فتأهب المسلمون لذلك.
وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه على هذا الجيش وهو جيش العسرة مالاً جزيلاً فقيل: ألف دينار.
وقال بعضهم: إنه حمل على ألف بعير ومائة فرس وجهزها أتم جهاز حتى لم يفقدوا عقالاً وخطاماً، رضي الله عنه.
ونهض صلى الله عليه وسلم في نحو من ثلاثين ألفاً، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل: سباع بن عر فطة: وقيل: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والصحيح أن علياً كان خليفة له على النساء والذرية، ولهذا لما آذاه المنافقون فقالوا: تركه على النساء والذرية، لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ذلك، فقال: «ألا ترضى