والغرض أنه صلى الله عليه وسلم أصبح يومه ذلك سائراً إلى مكة، وقد أمر صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان عند خطم الجبل، لينظر إلى جنود الإسلام إذا مرت عليه.
وقد جعل صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه على المقدمة، وخالد بن الوليد رضي الله عنه على الميمنة، والزبير بن العوام رضي الله عنه على الميسرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب، وكان أعطى الراية سعد بن عبادة رضي الله عنه، فبلغه أنه قال لأبي سفيان حين مر عليه: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة ـ والحرمة هي الكعبة ـ فلما شكا أبو سفيان ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«بل هذا يوم تعظم فيه الكعبة» .
فأمر بأخذ الراية من سعد فتعطى علياً، وقيل: الزبير، وهو الصحيح.
وأمر صلى الله عليه وسلم الزبير أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأن تنصب رايته بالحجون، وأمر خالداً أن يدخل من كدى من أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم.
وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، قد جمعوا جمعاً بالخندمة، فمر بهم خالد بن الوليد فقاتلهم، فقتل من المسلمين ثلاثة وهم: كرز بن جابر من بني محارب بن فهر، وحبيش بن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي، وسلمة بن الميلاء الجهني، رضي الله عنهم.
وقتل من المشركين ثلاثة عشر رجلاً، وفر بقيتهم.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو راكب على ناقته وعلى رأسه المغفر، ورأسه يكاد يمس مقدمة الرحل من تواضعه لربه عز وجل.