قلت: ما أدري من أين صحح هذا؟ بل كأنه أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم لهوازن حين أتوه مسلمين بعد ذلك:«لقد كنت استأنيت بكم عشرين ليلة» وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: فحاصرناهم أربعين يوماً ـ يعني ثقيفاً ـ فاستعصوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره.
وقد خرب صلى الله عليه وسلم كثيراً من أموالهم الظاهرة وقطع أعنابهم، ولم ينل منهم كبيرهم شيء، فرجع عنهم فأتى الجعرانة، فأتاه وفد هوازن هنالك مسلمين، وذلك قبل أن يقسم الغنائم، فخيرهم صلى الله عليه وسلم بين ذراريهم وبين أموالهم، فاختاروا الذرية، فقال صلى الله عليه وسلم:«أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» ، قال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وقومهما حتى أرضاهما وعوضهما صلى الله عليه وسلم.
وأراد العباس بن مرداس السلمي أن يفعل كفعلهما، فلم توافقه بنو سليم، بل طيبوا ما كان لهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فردت الذرية على هوازن، وكانوا ستة آلاف، فيهم الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر بن هوزان، وهي أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، فأكرمها وأعطاها، ورجعت إلى بلادها مختارةً لذلك، وقيل: كانت هوازن متوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعتهم إياه.
ثم قسم صلى الله عليه وسلم بقيته على المسلمين، وتألف جماعةً من سادات قريش وغيرهم، فجعل يعطي الرجل المائة بعير، والخمسين، ونحو ذلك.