صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إني قد أسلمت فمرني بما شئت، فقال صلى الله عليه وسلم:«إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة» .
فذهب من حينه ذلك إلى بني قريظة ـ وكان عشيراً لهم في الجاهلية ـ فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه فقال يا بني قريظة! إنكم قد حاربتم محمداً، وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا شمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم.
قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن.
قالوا لقد أشرت بالرأي.
ثم نهض إلى قريش فقال لأبي سفيان ولهم: تعلمون ودي ونصحي لكم؟ قالوا نعم.
قال: إن يهود ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم.
ثم ذهب إلى قومه غطفان فقال لهم مثل ذلك.
فلما كان ليلة السبت في شوال بعثوا إلى يهود: إنا لسنا بأرض مقام فانهضوا بنا غداً نناجز هذا الرجل، فأرسل إليهم اليهود: إن اليوم يوم السبت، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهناً، فلما جاءهم الرسل بذلك قالت قريش: صدقنا والله نعيم بن مسعود، وبعثوا إلى يهود: إنا والله لا نرسل لكم أحداً فاخرجوا معنا، فقالت قريظة: صدق والله نعيم، وأبوا أن يقاتلوا معهم.
وأرسل الله عز وجل على قريش ومن معهم الخور والريح تزلزلهم، فجعلوا لا يقر لهم قرار، ولا تثبت لهم خيمة ولا طنب، ولا قدر ولا شيء.