للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَا الْمَسِيح، وَلَا عَزِيزًا، وَلَا أَحَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى.

فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَن مَا ضربوه بِعِيسَى بن مَرْيَمَ مِنَ الْمَثَلِ جَدَلٌ بَاطِلٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بل هم قوم خصمون ".

ثُمَّ قَالَ: " إِنْ هُوَ " أَيْ عِيسَى " إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ " أَي بنبوتنا " وجعلناه مثلا لبنى إِسْرَائِيل " أَيْ دَلِيلًا عَلَى تَمَامِ قُدْرَتِنَا عَلَى مَا نَشَاءُ، حَيْثُ خَلَقْنَاهُ مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ، وَقَدْ خَلَقْنَا حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَخَلَقْنَا آدَمَ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَخَلَقْنَا سَائِرَ بَنِي آدَمَ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.

كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: " وَلِنَجْعَلَهُ آيَة للنَّاس " أَيْ أَمَارَةً وَدَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِنَا

الْبَاهِرَةِ " وَرَحْمَةٍ منا " نرحم بهَا من نشَاء.

* * * وَذكر ابْن إِسْحَق الْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ: " وَلَا تُطِع كل حلاف مهين " (١) الْآيَاتِ.

وَذَكَرَ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَيْثُ قَالَ: أَيَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأُتْرَكُ وَأَنَا كَبِيرُ قُرَيْشٍ وسيدها، وَيتْرك أَبُو مَسْعُود عَمْرو بن عَمْرو (٢) الثَّقَفِيُّ سَيِّدُ ثَقِيفٍ، فَنَحْنُ عَظِيمَا الْقَرْيَتَيْنِ، وَنُزُولَ قَوْله فِيهِ: " وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رجل من القريتين عَظِيم " (٣) وَالَّتِي بَعْدَهَا.

وَذَكَرَ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ حِينَ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ: أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ جَالَسْتَ مُحَمَّدًا وَسَمِعْتَ مِنْهُ؟ وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِلَّا أَنْ تَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ.

فَفَعَلَ ذَلِكَ عَدُوُّ اللَّهِ عُقْبَةُ لَعَنَهُ اللَّهُ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، يَا ويلتا ليتنى لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا (٤) " والتى بعْدهَا.


(١) سُورَة نون ١٠ (٢) ابْن هِشَام: عَمْرو بن عُمَيْر.
(٣) سُورَة الزخرف ٣١.
(٤) سُورَة الْفرْقَان ٢٧، ٢٨.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>