للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَمَشَى أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ بِعَظْمٍ بَالٍ قَدْ أَرَمَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرَمَّ؟ ! ثُمَّ فَتَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ نَفَخَهُ فِي الرِّيحِ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ: نَعَمْ، أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ وَإِيَّاكَ بَعْدَ مَا تَكُونَانِ هَكَذَا، ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ.

وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ، قَالَ: مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ.

قُلْ: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (١) إِلَى

آخِرِ السُّورَةِ.

قَالَ: وَاعْتَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنِي وَهُوَ يَطُوفُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ، الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ وَتَعْبُدْ مَا نَعْبُدُ، فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْأَمْرِ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.

لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ " إِلَى آخِرِهَا.

وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الزَّقُّومُ؟ هُوَ تَمُرُّ يضْرب بالزبد! ثمَّ قَالَ: هَلُمَّ فَلْنَتَزَقَّمْ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَام الاثيم (٢) ".

قَالَ: وَوَقَفَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ وَقَدْ طَمِعَ فِي إِسْلَامِهِ.

فَمَرَّ بِهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْكَثَةَ، الْأَعْمَى، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يَسْتَقْرِئُهُ الْقُرْآنَ.

فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى أَضْجَرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ شَغَلَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْوَلِيدِ وَمَا طَمِعَ فِيهِ مِنْ إِسْلَامِهِ.

فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ انْصَرَفَ عَنْهُ عَابِسًا وَتَرَكَهُ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الاعمى " إِلَى قَوْله: " مَرْفُوعَة مطهرة ".


(١) سُورَة يس ٧٨، ٧٩ (٢) سُورَة الدُّخان ٤٣، ٤٤.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>