للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا وللإمام أبي حيان الأندلسي في بيان اتساق الحديث عن بني إسرائيل مع ما سبقه كلام طيب حيث يقول رحمه الله " قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي) الخ الآيات: " هذا افتتاح الكلام مع اليهود والنصارى ومناسبة الكلام معهم هنا ظاهرة وذلك أن هذه السورة افتتحت بذكر الكفار المختوم عليهم بالشقاوة وذكر المنافقين وذكر جمل من أحوالهم ثم أمر الناس قاطبة بعبادة الله تعالى ثم ذكر إعجاز القرآن إلى غير ذلك مما ذكره، ثم نبههم بذكر أصلهم آدم وما جرى له من أكله من الشجرة بعد النهي عنها وأن الحامل له على ذلك إبليس وكانت هاتان الطائفتان أعني اليهود والنصارى أهل كتاب مظهرين اتباع الرسل والاقتداء بما جاء من عند الله تعالى، وقد اندرج ذكرهم عموما في قوله تعالى (يا أيها الناس اعبدوا) الخ الآية فجرد ذكرهم هنا خصوصا إذ قد سبق الكلام مع المشركين والمنافقين وبقي الكلام مع اليهود والنصارى فتكلم معهم هنا وذكر ما يقتضي لهم الإيمان بهذا الكتاب كما آمنوا بكتبهم السابقة. وناسب الكلام معهم قصة آدم عليه السلام لأنهم بعدما أوتوا من البيان الواضح والدليل اللائح المذكور ذلك في التوراة والإنجيل من الإيفاء بالعهد والإيمان بالقرآن ظهر منهم ضد بكفرهم بالقرآن ومن جاء به " (١)

المناسبة بين الحديث عن بني إسرائيل وبين سورة الفاتحة:

لما أخبر سبحانه في سورة الفاتحة عن استحقاقه وحده للحمد لما اتصف به تعالى من صفات الجلال ونعوت الكمال فهو المحمود ولا يزال على ما أبدى من النعم وأسدى من الكرم بين تعالى في سورة البقرة جانبا من نعمه تعالى والتي من جملتها إنعامه على بني إسرائيل، ورحمته بهم، وذكرهم بيوم الدين، ودعاهم إلى عبادته والاستعانة به وحده ٠


(١) - البحر الحيط ١/ ١٧٣..

<<  <   >  >>