لأجلها شرع الصيام، وتشرفت بالعمل به الأمم جميعاً؛ إنها تحصيل تقوى الله تعالى، وزجُّ النفس البشرية في اختبار تهذيب، وميدان صبر، ومحطة ثبات، وتجربة ملموسة لمعرفة معنى الحق، والتجرد عن الهوى، وتحقق منزلة العبودية، ليستحيل العبد بعدها قادراً على التحكم بدفة عواطفه وميوله، فيرى الكرامة الإنسانية لديه قد تجلّت في أبهى حُلّة، فلا تمر به لحظة - وهو صائم - إلا وصورة المحتاج ماثلة أمام ناظرَيْه قابعة في شغاف قلبه، فيهرع بعدها إلى التكافل معه طواعية وعبودية لله تعالى، هذا هو مسلك التقوى الحق، واقرأ - متدبراً إن شئت - قولَ الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *}[البَقَرَة: ١٨٣] .
ولنأت بعد ما تقدم إلى بيان ما يُرجى تحقق التقوى به من مستحبات الصيام، وهي عشرة: