للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(كنت أتسحَّر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدركَ السجودَ أو صلاةَ الفجرِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) (١٣٩) .

مسألة:

ما الحكمة من مشروعية السحور، بل واستحباب تأخيره، مع كون رمضان شهر الجوع والعطش؟

لقد سنَّ لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أكلة السَّحَر، فهي سُنَّة مُتَّبَعة، لا إيجاب فيها، لكنها شُرِعت رحمةً بالصائم، وطلباً للبركة فيها، ومنعاً لإرادة الوِصال في الصوم (١٤٠) ، لكن التوسُّع في التسحُّر بالتفكُّه بصنوف الأطعمة والأشربة حتى التُّخْمة، قد يفوِّت على الصائم الانتفاعَ الأمثل بصومه، فتبقى شهواته مندفعة جارية في عروقه مجرى الدم، فتنتفي عندها الحكمة من الصوم وهي إضعاف الشهوة بما يضيق مجاري الشيطان في البدن، لذا أُعلِمنا بأن السحور يتحقق ولو بجرعة ماء، والله أعلم.

٦- ... تعجيل الفطر: وذلك بعد تحقُّقِ الصائم من كمال غروب قرص الشمس، ودخول الليل، قال تعالى:


(١٣٩) أخرجه البخاري؛ كتاب: الصوم، باب: تأخير السَّحور، برقم (١٩٢٠) . وقول سهل: (أن أدرك صلاة الفجر) ، أخرجه البخاري أيضاً برقم (٥٧٧) .
(١٤٠) معنى الوصال في الصوم: [الإمساك عن المفطِّرات إلى غروب اليوم التالي، [فيصل صوم يوم بيوم آخر، ولا يأكل بينهما شيئاً، وقد ورد النهي عن الوصال في الأحاديث الصحيحة، كما في البخاري برقم (١٩٦٥) ، ومسلم برقم (١١٠٣) ، وغيرهما. لكن مَنْ أَحبّ أن يُمسِك بعد غروب الشمس إلى وقت السَّحر فله ذلك، كما في البخاري برقم (١٩٦٣) ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَر» ] . انظر: تفسير ابن كثير ص: ١٩٥ ط - بيت الأفكار الدولية. وقال الترمذي رحمه الله بعد إيراده حديث: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْر» ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه برقم (٦٩٩) -، قال: وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرُهم، استحبوا تعجيل الفطر، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق. اهـ. يعني، ابن راهويه. ومفهوم كلامه رحمه الله: أن الوصال إلى السَّحَر مع كونه جائزاً إلا أن تعجيل الفطر هو الأولى، والله أعلم.
أما فائدة النهي عن الوصال فهي الإشفاق على الأمة والرحمة لهم، كما في حديث عائشة رضي الله عنها في المتفق عليه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، رحمةً لهم، فقالوا: إنك تواصل، قال: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِين» . البخاري برقم (١٩٦٤) ، ومسلم برقم (١١٠٥) .

<<  <   >  >>