للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصوم، وإلا لزم ألا يصح صوم بغير اعتكاف، ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم. لذا، فإن المختار في ذلك أن الاعتكاف ليس من شرطه الصيام، وإن كان غالب اعتكاف النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان بصوم، إلا أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في شوال - كما مرّ - واعتكف عمرُ رضي الله عنه ليلة كما صرح به البخاري رحمه الله، بقوله: «فاعتكف ليلة» (١٧٤) ، فدل ذلك على أنه لم يزد على نذره شيئاً، وأن الاعتكاف لا يشترط فيه الصوم، كما أنه لا يشترط له حدٌّ معين] (١٧٥) .

مسألة:

هل للاعتكاف حدٌّ في أقلِّ زمنِه أو أكثره؟

المختار في ذلك أن أقلَّ الاعتكاف يوم أو ليلة، ذلك أن معنى الاعتكاف مشتق من لزوم الشيء وحبس النفس عليه، وما كان دون يوم أو ليلة يَبْعُد أن يسمى اعتكافاً لقِصَر مدته وعدم انضباطه بزمن معين، فلا بدّ للمعتكف أن يلبث في المسجد قَدْراً يسمى عكوفاً،


(١٧٤) أخرجه البخاري؛ كتاب: الاعتكاف، باب: من لم ير عليه صوماً إذا اعتكف، برقم (٢٠٤٢) .
(١٧٥) الإجابة مستفادة من كلام الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: الفتح (٤/٣٢٢ وما بعدها) ؛ مبحثَيْ: باب الاعتكاف ليلاً، وباب: من لم ير عليه - إذا اعتكف - صوماً. وتفصيل جواز الاعتكاف بصوم أو بغيره مشتهر في كتب الفروع، وخلاصته: أنه لا اعتكاف إلا بصوم، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد. والثاني: صحة الاعتكاف بغير صوم، وهو مذهب الشافعية، والله أعلم.

<<  <   >  >>