الثواب المعين الموعود به، وهو المغفرة التامة لما تقدم من الذنب وما تأخّر، فيكون ذلك يقيناً لمن قامها ابتغاءها ثم كشفت له على سبيل الكرامة، لكن لا يكون التعويل في حصول الأجر الموعود به على ذلك الكشف، بل العبرة بالاستقامة بإحيائها، فإن الاستقامة تستحيل إلا أن تكون كرامة، بخلاف الخارق فقد يقع كرامة وقد يقع فتنة، وإن فضل الله واسع، ورُبَّ قائم في تلك الليلة لم يحصل منها إلا على العبادة من غير رؤية خارق، وآخر رأى الخارق من غير عبادة، والذي حصل على العبادة أفضل، والله أعلم] (٢٧٨) .
يُفهم مما ذكر آنفًا أن القائمين المبتغين لتلك الليلة يكونون على ثلاث مراتب: قائم بالعبادة فيها من غير أن يعلمَها فذلك يؤجر أجراً جزيلاً، وآخر قامها وقد علمها من غير كشف بخارق، فهذا ينال الأجر الموعود به بمغفرة عامة ذنبه، وثالث قامها، إيماناً واحتساباً، وطلبها فعرفها، ثم كشفت له، فهذا قد أُجِر أجرًا
(٢٧٨) نقلت - بتصرف - خلاصة معنى مبحثٍ أورده ابن حجر رحمه الله في الفتح (٤/٣١٣) ، ورجّح فيه ما اختاره الإمام النووي رحمه الله في المنهاج (٦/٢٨٣) . هذا، وقد ذكر القرطبي في المفهم (٣/١٣٠٦) ، أن معنى «يُوَافِقُهَا» : يصادفها، ومن صلّى فيها فقد صادفها، فكأنه اختار رحمه الله أن من أحيا الليلة بالعبادة فإنه ينال الأجر الموعود، وإن لم يعلمها، والله أعلم.