للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ ... } . [البَقَرَة: ١٨٧]

- ... وكذلك يُستدل له بقول القاسم بن محمد رحمه الله: إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عِشاء إلى عِشاء، فإذا نام لم يَصِل إلى أهله بعد ذلك، ولم يأكل ولم يشرب، حتى جاء عمر إلى امرأته، فقالت: إني قد نمت، فوقع بها، وأمسى قيسُ بنُ صِرْمة صائماً فنام قبل أن يُفطِر، وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا، فأصبح صائماً وكاد الصوم يقتله، فأنزل الله عزَّ وجلَّ الرخصة، قال سبحانه: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البَقَرَة: ١٨٧] (١٦) .

وبذا استقرّ الأمر على حرمة المُفطِّرات من طعام وشراب وجماع، وذلك من تبيُّنِ الفجر الصادق إلى الليل، مع إباحتها طوال الليل، بعد أن كانت هذه الإباحة مُقيَّدة بعدم النوم، أو عدم صلاة العشاء، والله أعلم.

فائدة:

كلمة {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} . [البَقَرَة: ١٨٧] هذه الكلمة هي أبلغ من كلمة تخونون التي تُفسَّر بها، وذلك لزيادة البناء، فزيادة المبنى دالَّة على زيادة المعنى، وتدل كلمة {تَخْتَانُونَ} ، على زيادة الخيانة، من حيث كثرة مقدمات الجماع، والله أعلم (١٧) .


(١٦) قول ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبري في تفسيره للآية (١٨٧) من سورة البقرة، من طريق علي بن أبي طلحة عنه. أما القاسم بن محمد - وهو من فقهاء المدينة المشهورين؛ روى عن عائشة رضي الله عنها، وممن روى عنه الإمام الزُّهْري رحمه الله - فقد أخرج قولَه الواحديُّ في أسباب النزول ص (٥٢) .
(١٧) انظر: نور الإيمان في تفسير القرآن (١/٢٦٧) للشيخ محمد مصطفى أبي العلا رحمه الله.

<<  <   >  >>