للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

/ قوله: " قيد الأوابد " عندهم من البديع ومن الاستعارة، ويرونه من الألفاظ الشريفة (١) ، وعنى بذلك أنه إذا أرسل هذا الفرس على الصيد صار قيداً لها، وكانت بحالة المقيد من جهة سرعة إحضاره.

واقتدى به الناس، واتبعه الشعراء، فقيل: " قيدُ النواظر " و " قيدُ الألحاظ " و " قيد الكلام " و " قيد الحديث " و " قيد الرهان ".

وقال الاسود بن يعفر: بمقلص عتد جَهِيزٍ شده * قيدُ الأوابد والرهان جواد (٢) وقال أبو تمام: لها منظر قيدُ الأوابدِ لم يَزَل * يروحُ ويغدو في خفارته الحُبُّ (٣) / وقال آخر: ألحاظُهُ قيدُ عيونِ الورى * فليس طَرُفٌ يَتَعَدَّاهُ (٤) وقال آخر: * قَيَّدَ الحُسْنُ عليه الحَدَقَا (٥) * وذكر الاصمعي وأبو عبيد وحماد، وقبلهم أبو عمرو: أنه أحسن في هذه


(١) في الصناعتين ٢٠٧: " والحقيقة: مانع الاوابد من الذهاب والافلات.
والاستعارة أبلغ، لان القيد من أعلى مراتب المنع عن التصرف، لانك تشاهد ما في القيد من المنع فلست تشك فيه ".
وقال قدامة في نقد الشعر ص ٥٨: " فإنما أراد أن يصف هذا الفرس بالسرعة وأنه جواد، فلم يتكلم باللفظ بعينه، ولكن بأردافه ولواحقه التابعة له، وذلك أن سرعة إحضار الفرس يتبعها أن تكون الاوابد - وهى الوحش - كالمقيدة له إذا نجا في طلبها.
والناس يستجيدون لامرئ القيس هذه اللفظة فيقولون: هي أول من قيد الاوابد، وإنما عنى بها الدلالة على جودة الفرس وسرعة إحضاره، فلو قال ذلك بلفظه لم يكن عند الناس من الاستجادة ما جاء من إتيانه بالردف له.
وفي هذا برهان على أن وضعنا الارداف من أوصاف الشعر ونعوته واقع بالصواب ".
(٢) فرس مقلص: طويل القوائم، وفى المفضليات ٢ / ١٩ " بمشمر " وهى بمعناها.
وعتد: قوى سريع الوثبة معد للجرى.
جهيز شده: سريع عدوه.
الرهان: المراهنة، يعنى إنه إذا دخل السباق حبس الرهن فلا يناله غيره.
الجواد: القوى السابق البعيد الجرى والبيت في الخزانة ١ / ٥٠٨.
(٣) ديوانه ١ / ١٧ " قيد النواظر " والخزانة ١ / ٥٠٨.
(٤) غير منسوب في الخزانة ١ / ٥٠٨ (٥) غير منسوب في الخزانة ١ / ٥٠٨ وديوان المعاني ١ / ٢٦٤ (*)

<<  <   >  >>