للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وورد في السنة المطهرة ما يدل على كفر من كفر مسلماً، كما تقدم وورد في السنة المطهرة إطلاق الكفر على من فعل فعلاً يخالف الشرع ... وكل ذلك يفيد أن صدور شيء من هذه الأمور يوجب الكفر، وإن لم يرد قائله أو فاعله الخروج من الإسلام إلى ملة الكفر". (١)

وقد بين أهل العلم أصولاً ينبغي أن يرجع إليها في فهم هذه النصوص:

أولاً: أن ما ورد في السنة من نصوص أطلقت الكفر على أصحاب بعض المعاصي لا يقاس على ما ورد في القرآن الكريم في مثل هذه الإطلاقات، إذ من عادة القرآن أن يطلق وصف الإيمان على أكمل المؤمنين صفات، وكذا أطلق الكفر على أقبح الكافرين فعالاً، فوصفه بالكفر لا يحتمل إلا الكفر الأكبر.

وعليه فقد تقرر عند العلماء التفريق بين إطلاقات الكفر في القرآن وتلك التي في السنة النبوية، يقول الشاطبي: " فكان القرآن آتياً بالغايات تنصيصاً عليها، من حيث كان الحال والوقت يقتضي ذلك، ومنبهاً بها على ما هو دائر بين الطرفين .. فإنما أتى بهما في عبارات مطلقة تصدق على القليل يدل المساق على أن المراد أقصى المحمود أو المذموم في ذلك الإطلاق ". (٢)

ثانياً: صحيح أن الأصل في النصوص إجراؤها على ظواهرها، لكن التأويل محتمل في حقها، ويصار إليه منعاً للتعارض، الذي هو قرينة على أن أحد المعنيين غير مراد من النص.

يقول الشاطبي: "والقاعدة في ذلك أن اللفظ يؤخذ على ظاهره ما لم تصرفه قرينة، فإن وجدت قرينة تدل على صرف لفظ الكفر في الحديث عن معناه الأصلي، وهو الكفر الأكبر، أمكن المصير إلى أنه كفر أصغر لثبوت إمكان ذلك في السّنّة الشريفة".

ثالثاً: والنصوص التي احتج بها المكفرون بالذنوب معارضة معانيها الظاهرة بجملة من الحقائق، منها:

- النصوص التي شهدت بالإيمان للموحدين وإن ارتكبوا المعاصي، فإن


(١) السيل الجرار (٤/ ٥٧٨ - ٥٧٩).
(٢) الموافقات (٣/ ١٤٠ - ١٤١).

<<  <   >  >>