للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[العذر بالخطأ مع سلامة القصد]

الخطأ هو فعل الخطأ أو اعتقاده مع إرادة الحق والصواب.

قال ابن حجر: المخطئ: من أراد الصواب فصار إلى غيره، ويفرق بينه وبين الخاطئ بأن الخاطئ من تعمد الخطأ، ومنه قوله تعالى: {إن قتلهم كان خِطئاً كبيراً} (الإسراء: ٣١).

وأما الخطأ المعفو عنه، فهو مثل قوله تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} (الأحزاب: ٥). (١)

وقد جاءت نصوص الشريعة بالوعيد لمن تعمد الخطأ دون من أراد الحق فأخطأه أو لم يتعمد الخطأ لكنه وقع فيه، فقد توعد الله قاتل النفس عمداً بغير حق بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} (النساء:٩٣)، فقيَّد تبارك وتعالى الوعيد على قاتل المؤمن بالتعمد، بينما غفر عز وجل الخطأ بقوله على لسان المؤمنين: {ربنا لا تؤخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا} (البقرة: ٢٨٦)، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الله سبحانه استجاب هذا الدعاء، فقال: ((فقد فعلت)). (٢)

كما قال تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} (الأحزاب: ٥).

ومثله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)). (٣)

قال ابن رجب: " الخطأ هو أن يقصد بفعله شيئاً، فيصادف فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلماً، والنسيان أن يكون ذاكراً الشيء فينساه عند الفعل، وكلاهما معفو عنه: يعني لا إثم فيه ... والأظهر - والله أعلم - أن الناسي والمخطئ إنما عفي عنهما، بمعنى: رفع الإثم عنهما، لأن الإثم مرتب على المقاصد والنيات، والناسي والمخطئ لا قصد لهما، فلا إثم عليهما". (٤)


(١) انظر فتح الباري (٥/ ١٦٠).
(٢) رواه مسلم ح (١٢٦).
(٣) رواه ابن ماجه ح (٢٠٤٣)، وابن حبان ح (١٤٩٨)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (١٦٦٢).
(٤) جامع العلوم والحكم (٣٧٥).

<<  <   >  >>