للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالاضطرار من دين الإسلام، والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع". (١)

فهذا الممتنع إباء، والمتشكك في حكمة الخالق مكذب لصفات الله العليم الحكيم، وهو مستهين بالله وشرعه، فهو كافر بذلك، يقول ابن أبي العز شارح الطحاوية: "إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر". (٢)

ويمتد الكفر في مسألة الحاكمية ليشمل كل من وافق الحكام بما استحلوه من استحلال الحرام، فهو يكفر أيضاً، وفعله من جنس فعل النصارى الذين اتبعوا أحبارهم ورهبانهم، فكانوا لهم عابدين: {اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله} (التوبة: ٣١). قال عدي رضي الله عنه: سمعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها، فقال: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه)). (٣)

قال ابن تيمية مبيناً وجه كفر هؤلاء الأتباع: " أن يعلموا أنههم بدلوا دين الله، فيتبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، اتباعاً لرؤسائهم، مع علمهم أنه خالفوا دين الرسول، فهذا كفر. وقد جعله الله ورسوله شركاً، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين، مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء". (٤)

ومما يدل أيضاً على كفر الأتباع حيث رضوا بحكم الطاغوت واتبعوه قول الله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنّه لفسق وإنّ الشياطين ليوحون إلى أوليآئهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون} (الأنعام:١٢١). يقول ابن كثير موضحاً صورة الشرك في أكل ما لم يذكر عليه اسم الله: "أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم ذلك، فهذا هو الشرك". (٥)

قال القرطبي: "وإن أطعتموهم أي في تحليل الميتة إنكم لمشركون، فدلت


(١) الصارم المسلول (٣/ ٩٦٩ - ٩٧١).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية (٣٢٣ - ٣٢٤).
(٣) رواه الترمذي ح (٣٠٩٥)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (٢٤٧١).
(٤) مجموع الفتاوى (٧/ ٧٠).
(٥) تفسير القرآن العظيم (٢/ ١٧٢).

<<  <   >  >>