للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما ندعو إلى المزيد من اللجوء إلى الحوار بالتي هي أحسن، واعتماد اللين والحكمة وحسن البيان طريقاً في معالجة النشوز الفكري للشباب الذي تعاور عليه الجهل والتسرع.

فإن الشبهة والفهم المغلوط إذا غلبا على المؤمن التقي لا علاج لهما إلا بالحجة والدليل والبرهان، إذ بهما تزول الشبهة، وتقام الحجة، فتستبين المحجة، ويظهر الحق لمن أراده فأخطأه.

وعن طريق الحوار استطاع علي رضي الله عنه إضعاف فتنة الخوارج، حين بعث إليهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه، فناظرهم فرجع معه جمع غفير منهم، ليثبت أن الحوار خير وسيلة للقضاء على هذه الفتنة.

وهكذا تبين لنا أن التكفير مسألة خطيرة لا يجوز أن يصدر فيه المسلم عن رأي أو هوى، ولا يجوز شهره سيفاً على المخالفين واتخاذه وسيلة للانتقام منهم والتشفي بهم، إذ هو حكم شرعي، بل لعله أخطر الأحكام الشرعية، إذ هو حكم بالردة والخلود في النار على مسلم، كما يستتبع التكفير عدداً من الأحكام الدنيوية كمنع التوارث والتفريق بين الزوجين، وأهم من ذلك استباحة الدماء والأعراض.

لذا تكاثرت النصوص الشرعية تحذر المسلمين من الوقوع في ظلامته، ومن بعدها أطبق علماء الإسلام على أبلغ التحذير من هذه القاصمة، وبينوا أسبابها، وحذروا من دركاتها.

لقد أبانوا بما آتاهم الله من نور العلم والفقه في الدين الموانع التي تدفع عن المسلم معرة التكفير، إذ الأصل فيه الإسلام، وقد ثبت له بيقين، فلا يرفع إلا بمثله، ولا اعتبار للحدس والتخمين في هذا الباب، فقد أمرنا الله بتصديق المسلم وقبول علانيته، دون التقحم في السرائر التي لا يطلع عليها إلا الله، ولا يحكم عليها إلا هو.

وتلمس العلماء بهدي النبوة ما يعتذر فيه للمسلم ويتقى به عرضه، فاعتبروا الجهل والخطأ والإكراه والتأويل أعذاراً معتبرة يفيء إليها المسلم

<<  <   >  >>