وما كان قد أتاها بشيء. فقال: كان عندي ضاغط، قالت: كنت أميناً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعند أبي بكر - رضي الله عنه - فبعث عمر معك ضاغطاً؟ وقامت بذلك بين نسائها واشتكت عمر، فلما بلغه ذلك دعا معاذاً وقال: بعثت معك ضاغطاً؟ قال: لم أجد ما أعتذر به إليها إلا ذلك، فضحك عمر - رضي الله عنه - وأعطاه شيئاً، فقال أرضها به - ومعنى قوله ضاغطاً: يعني رقيباً وأراد به الله تعالى.
*وكان النخعي لا يقول لابنته: أشتري لك سكراً، بل يقول: أرأيت لو اشتريت لك سكراً؟ فإنه ربما لا يتفق له ذلك.
*وكان إبراهيم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار، قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد، ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذباً.
*وكان الشعبي إذا طلب في المنزل من قبل شخصٍ وهو يكرهه خط دائرة، وقال للجارية: ضعي الأصبع فيها وقولي: ليس ههنا.
وهذا كله في موضع الحاجة، فأما في غير موضع الحاجة فلا، لأن هذا تفهيماً للكذب - وإن لم يكن اللفظ كذباً - فهو مكروه على الجملة، كما روى عبد الله بن عتبة قال: دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز - رحمة الله عليه - فخرجت وعلى ثوب، فجعل الناس يقولون: هذا كساه أمير المؤمنين؟ فكنت أقول جزى الله أمير المؤمنين خيراً، فقال لي أبي: يا بني اتق الكذب وما أشبه، فنهاه عن ذلك، لأن فيه تقريراً لهم على ظن كاذب لأجل غرض المفاخرة وهذا غرض باطل لا فائدة منه.