للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فهذا هو الفقر الحقيقي والغنى الحقيقي, وإذا كان هذا غنى من كانت الآخرة أكبر همه فكيف من كان الله سبحانه أكبر همه؟ فهذا من باب التنبيه والأولى (١).

وقد وردت آيات كثيرة نصت على الترف والمترفين, وسوء ذلك على نفوس الكثير, قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ} [المؤمنون: ٦٤] وقال تعالى عن أصحاب الشمال: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة: ٤٥] وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: ١٦] وقال تعالى في آية أخرى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [سبأ: ٣٤].

والأمر في الأموال والدور والقصور, مثلما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تصنيفه لفئات الناس مع المال: "والفقر يصلح عليه خلق كثير, والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم, ولهذا كان أكثر ما يدخل الجنة المساكين؛ لأن فتنة الفقر أهون, وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر, لكن لما كان في السراء اللذة وفي الضراء الألم, اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء".

ولهذا مال الإنسان محدود الفائدة في ذاته إما لقمة يأكلها, أو ثوباً يلبسه أو مركباً يركبه, أما من اراد به الله الخير فهو ينفق منه,


(١) طريق الهجرتين ص ٤٥.

<<  <   >  >>