للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تكونوا أشفق عليَّ من نفسي, وكتب كتاباً, وأردف تلك الكتب بكتب وكتب إلى بعض, فرجع غريمه, وقصد ناحية مرو فاجتمع التجار وأخبروا السلطان, فأراد التشديد على الغريم, فكره ذلك أبو عبدالله, وصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم شيئاً يسيراً, وكان المال خمس وعشرين ألفاً, ولم يصل من ذلك إليَّ درهم ولا إلى أكثر منه (١).

وكان يهدف الإمام البخاري من تجارته هذه (أي المضاربة) أن ينفع خلق الله, فكان يساعد أهل العلم, وطلبة العلم, والشيوخ المحدثين, وكان ينفق من دخله خمسمائة درهم على الفقراء والمساكين, وطلبة العلم, وأصحاب الحديث كل شهر, فكان يعين طلبة العلم, ويشجعهم على الانهماك في طلب العلوم النبوية, ويحسن إلى أهل العلم كثيراً, ولم يكن يعرف الترف والبذخ في حياته في المأكل والمشرب, فكان الصبر والاحتمال قد أصبحا

طبيعةً له.

هب أنك قد ملكت الأرض طُراً ... ودان لك البلاد فكان ماذا؟

أليس غدًا مصيرك تُرب؟ ... ويحثو التراب هذا ثم هذا

قال الحسن: إذا أراد الله بعبد خيراً أعطاه من الدنيا عطية, ثم


(١) الطبقات الكبرى للسبكي ٢/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>