للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتنازل عنه, بل يستفيد منه في مشاكله؛ لأنه طاهر وطيب من كل وجه.

وقال محمد بن أبي حاتم عن الإمام البخاري: إنه كان يعطي هذا المال مضاربة, وهى نوع من أنواع التجارة؛ لكي يتفرغ لخدمة العلم النبوي, وكان الله سبحانه وتعالى قد أغناه من كل جهة.

وكان سمحاً, رحيماً, قد اُعطى حظاً وافراً منهما, فذات مرة قطع له أحد الغرماء خمسة وعشرين ألفاً, فقيل له بأن الغريم قد وصل إلى آمل, وبإمكانك أن تأخذ منه الدراهم, فقال لهم: لا ينبغي لي أن أتعبه.

قال محمد بن أبي حاتم: فلما عرف الغريم جهودنا انتقل إلى خوارزم, فقلنا له: استعن بكتاب الوالي إلى حاكم خوارزم (لأن الغريم ليس بعيداً, وبإمكانهم أن يلحقوه بكل سهولة) فقال لهم: إن أخذت منهم كتاباً طمعوا, ولن أبيع ديني بدنياي.

قال محمد بن حاتم: وكان لأبي عبدالله غريم قطع عليه مالاً كثيراً, فبلغه أنه قدم آمل ونحن بفربر, فقلنا له: ينبغي أن تعبر وتأخذه بمالك, فقال: ليس لنا أن نروعه.

ثم بلغ غريمه, فخرج إلى خوارزم فقلنا: ينبغي أن تقول لأبي سلمة الكشاني, عامل آمل؛ ليكتب إلى خوارزم في أخذه, فقال: إن أخذت منهم كتاباً طمعوا مني في كتاب, ولست أبيع ديني بدنياي.

فجهدنا فلم نأخذه حتى كلمنا السلطان عن أمره, فكتب إلى والي خوارزم, فلما بلغ أبا عبدالله ذلك وجد وجداً شديداً, وقال لا

<<  <   >  >>