للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال زبير بن الحارث: ألف بعرة أحب إليّ من ألف دينار (١).

والدنيا على كبرها في أعيننا إلا أنها في الواقع حقيرة صغيرة.

قال أبو الدرداء: أهل الأموال يأكلون ونأكل, ويشربون ونشرب, ويلبسون ونلبس, ويركبون ونركب, ولهم فضول أموال ينظرون إليها وننظر إليها معهم, وحسابهم عليها ونحن براء (٢).

لقد ورث الإمام البخاري تركة عظيمة من أبيه العلامة إسماعيل, ولم يكن إسماعيل في تجارته كسائر الناس من التجار الذين قد لا يتورعون عن بعض الأمور, أو يقع من عمالهم ومساعديهم شيء من التساهل والخطأ, فيقعون في أمور يلزم اجتنابها والحذر منها, وهكذا تصبح الأموال المكتسبة منها موضع شك وارتياب, ولكن إسماعيل كان حذراً في تجارته, محتاطاً في اكتسابه فقد كان مجتنباً بعيداً كل البعد عن جميع مواضع الشبهات, وقد قال ذلك لأحيد بن حفص, وكان من أخص تلاميذه, عند وفاته:

لا أعلم من مالي درهماً من حرام, ولا درهماً من شبهة (٣).

وتعجب أبو حفص لهذا القول الذي يدل على أن إسماعيل كان مبالغاً في الاحتياط واتقاء الشبهات, وفي الوقت نفسه كان يريد أن يوضح لوارثه الذي كانت الأقدار تيهئه ليكون إمام الدنيا, ويلقب بإمام المحدثين, أن لا يقع في قلبه أدنى شك فيجتنبه, أو


(١) السير ٥/ ٢٩٦.
(٢) السير ٢/ ٣٥٠.
(٣) مقدمة الفتح ٤٧٩.

<<  <   >  >>