للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمره بطلب المعاش.

وقال أيوب السِّختياني: قال لي أبو قِلابة: يا أيوب, إلزم سوقك, فإنّ فيها غنى عن الناس، وصلاحاً في الدِّين.

وعن محمد بن سيرين عن أبيه قال: صليت مع عمر بن الخطاب المغرب, وانصرف معه جماعة من قريش, فرأى تحت إبطي رزمة فقال: ما هذا يا ابن سيرين؟ فقلت: يا أمير المؤمنين, آتي إلى السوق فأشتري وأبيع, فالتفت إلى جماعة من قريش فقال: لا يغلبنكم هذا وأشباهه على التجارة؛ فإن التجارة ثلث الإمارة (١).

وقال أبو سليمان الداراني: ليست العبادة أن تصف قدميك وغيرك يقوت لك, ولكن ابدأ برغيفك فأحرزها, ثم تعبد (٢).

والمال في يد الإنسان المسلم طريق إلى الحياة الكريمة في الدنيا, والسعادة في الآخرة؛ لأنه كما قال سعيد بن المسيب: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله, يعطي منه حقه, ويكف به وجهه عن الناس (٣).

وقال ابن قدامه في تفصيل دقيق لحال طالب الدنيا: قد بينا أن المال لا يذم لذاته, بل ينبغي أن يمدح؛ لأنه سبب للتوصل إلى مصالح الدين والدنيا, وقد سماه الله تعالى خيراً, وهو قوام الآدمي. قال الله تعالى في أول سورة النساء: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}


(١) تاريخ عمر: ص ٢١٤.
(٢) الإحياء ٢/ ١٧٢.
(٣) السير ٤/ ٢٣٨.

<<  <   >  >>