بعد الخروج من الشعب بسبب القطيعة التي فرضتها قريش على بني هاشم والمسلمين والتي استمرت طيلة أعوام ثلاثة لقي فيها المسلمون عنتًا شديدًا وإرهاقًا ما بعده إرهاق.
وكانت خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كما سبق تقاسي من المرض والضعف ثم ما لبثت أن لحقت بالرفيق الأعلى، فوجد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدًا شديدًا وحزن حزنًا بالغًا - عليه الصلاة والسلام - وكذلك بناتها الأربع زهرات بيت النبوة النضرات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة وكل المسلمين، ثم إن أبا طالب قد لحقها الذي كان نعم العشير والنصير لابن أخيه محمد بن عبد الله - صلوات الله وسلامه عليه - فازداد - عليه الصلاة والسلام - حزنًا وهمًا وجاءه عمه أبو لهب يرد عليه ابنتيه رقية وأم كلثوم بسبب ما نزل فيه من الوحي:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد].
فلقد تكأكأت الهموم على القلب الشريف الكبير من كل ناحية، مما زاده تعلقًا بالله واستمساكًا بحبله ورجاء به -سبحانه-، ولقد قصد - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف لعله يجد في أهلها بني ثقيف تفهمًا للدعوة وقبولاً لها وهم العشيرة التي طبقت أرجاء الجزيرة العربية