علمًا ومعرفة .. فردوه أقبح رد وجفوه أشنع جفاء حتى إنهم أغروا صبيانهم وسفهاءهم برميه بالحجارة، فأدموا قدميه، تلك الأيام وتلك الحقبة كانت أقسى ما مر به - صلى الله عليه وسلم - مهن محن وشدائد.
[بين القبول والرد]
وبينما هو - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في بيته يلفه الحزن والكآبة يفزع إلى الصلاة والدعاء ليجد عزاء قلبه وروحه جاءته إحدى السيدات المسلمات خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- تحدثه حدثًا عجيبًا.
لقد كان المسلمون جميعهم يشعرون بما يقاسي - عليه الصلاة والسلام - من آلام المحنة فقد خلا البيت النبوي من أطهر الزوجات وأكرمهن، ومات العم المدافع عن ابن أخيه ورده أهل الطائف ردًا قبيحًا منكرًا، فكان المسلمون يحسون بذلك، ويحاولون أن يخففوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبحث عمن يقوم على شؤونه ويدبر له أموره وبعد تردد ونظرات بعيدة إلى الماضي تسترجع ذكرى خديجة - رضي الله عنها - قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتراح خولة بالزواج، فقالت: إن شئت بكرًا فأمامك عائشة بنت أبي بكر، وأن شئت ثيبًا فهناك سودة بنت زمعة، آمنت بك واتبعتك وهاجرت إلى الحبشة فتوفي عنها زوجها وتركها وحيدة!
فردد - صلى الله عليه وسلم - في دهشة ممزوجة بالاستغراب والعجب الاسم أكثر من مرة، ولم يأت ذكر عائشة، وأخيرًا قبل الزواج من سودة لأنها مؤمنة مجاهدة قد ترملت فمن الوفاء أن تنال جزاء ما قدمت وأسلفت في سبيل الله.