للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن من دار إقامة ولا وطن فينبغي للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين ..

إما أن يكون كأنه غريب مقيم في بلد غربة, همه التزود للرجوع إلى وطنه، أو يكون كأنه مسافر غير مقيم ألبتة، بل هو ليله ونهاره يسير إلى بلد الإقامة (١).

فإن من تيقن ذلك ونظر إليه بعين المتأمل كان مثل عبدالرحمن بن أبي نعم عندما قال عنه بكير بن عبدالله .. كان لو قيل له قد توجه إليك ملك الموت ما كان عنده زيادة عمل (٢) قال الحسن .. يا ابن آدم إنك ناظر إلى عملك يوزن خيره وشره، فلا تحقرن من الخير شيئاً وإن هو صغر فإنك إذا رأيته سرّك مكانه ولا تحقرن من الشر شيئاً فإنك إذا رأيته ساءك مكانه رحم الله رجلاً كسب طيباً وأنفق قصداً وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته. هيهات هيهات، ذهبت الدنيا بحال بالها، وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم، أنتم تسوقون الناس، والساعة تسوقكم، وقد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون (٣).

سبيلك في الدنيا سبيل مسافر ... ولابد من زاد لكل مسافر


(١) جامع العلوم والحكم ٤٦٠.
(٢) السير ٥/ ٦٢.
(٣) صفة الصفوة ٣/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>