للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخي الحبيب أين نحن من هؤلاء.؟ !

كلما ازداد إدراك المرء للغاية التي من أجلها خُلق, ازداد اغتناماً لزمنه, وبالتالي كان أقرب لتلك الغاية وأكثر تحققاً بها .. إن الزمن يساوي عطاء الإنسان وحصاد عمره, يساوي اليد التي ستحمل كتابه يُمنى تكون أو يُسرى.

أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة ... تمر بي الموتى يهز نعوشها

وهي أنا إلا مثلهم غير أن لي ... بقايا ليالٍ في الزمان أعيشها (١)

كان الشافعي قد جزأ الليل, فثلثه الأول يكتب, والثاني يصلي, والثالث ينام (٢).

أخى الحبيب ...

هلم إلى الدخول على الله ومجاورته في دار السلام بلا نصب ولا تعب ولا عناء, بل من أقرب الطرق وأسهلها, وذلك أنك في وقت بين وقتين وهو في الحقيقة عمرك, وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وما يُستقبل, فالذي مضى تُصلحه بالتوبة والندم والاستغفار, وذلك شيء لا تعب عليك فيه ولا نصب ولا معاناة عمل شاق, إنما هو عمل قلب. وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب, وامتناعك ترك وراحة ليس هو عملاً بالجوارح يشق عليك معاناته, وإنما هو عزم ونية جازمة تريح بدنك وقلبك وسرك.


(١) البداية والنهاية ١١/ ٣٥٥.
(٢) السير ١٠/ ٣٥.

<<  <   >  >>