فيما مضى تصلحه بالتوبة, وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية, وليس في هذين نصب ولا تعب, ولكن الشأن في عمرك وهو وقتك الذي بين الوقتين, فإن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك, وإن حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكر نجوت وفُزت بالراحة واللذة والنعيم, وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده, فإن حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وأنفع لها وأعظم تحصيلاً لسعادتها.
وفي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت, فهي والله أيامك الخالية التي تجمع فيها الزاد لمعادك, إما الجنة وإما إلى النار, فإن اتخذت إليها سبيلاً إلى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر في هذه المدة اليسيرة التي لا نسبة لها إلى الأبد, وإن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب انقضت عنك بسرعة معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفة الهوى لأجله (١)
قال أحمد بن مسلمة النيسابوري .. كان هناد بن السري كثير البكاء .. فرغ يومًا من القراءة لنا فتوضأ وجاء إلى المسجد فصلى إلى الزوال وأنا معه في المسجد , ثم رجع إلى منزله فتوضأ وجاء فصلى الظهر بنا, ثم قام على رجليه يصلي إلى العصر ويرفع صوته بالقرآن ويبكي كثيراً, ثم صلى بنا العصر وأخذ يقرأ فى المصحف حتى صليت المغرب, فقلت لبعض جيرانه .. ماأصبره على العبادة فقال: