ضاق أبو الصلت ذرعاً بمصر، وما لقى فيها من الخيبة والعنت. قال القفطي (١):
«ودخل مصر في أيام أفضلها فلم ينل منه إفضالاً، وقصده للنيل فلم يجد لديه نوالاً». فحينئذ شد رحاله إلى المغرب في سنة ٥٠٦، واستعاد صلته بحضرة أبي الطاهر يحيى بن تميم بن باديس، الذي وضع له هذه «الرسالة المصرية».
يصف له فيها ما عاينه في مصر وما عاناه، وتناول في هذه الرسالة القيمة:
١ - الوصف البلداني للديار المصرية ونيلها.
٢ - ثم أخذ في تصوير جمال ربوعها ومغانيها تارة بالشعر وأخرى بالنثر.
٣ - وعقب على ذلك بالكلام في سكانها وأجناسهم ومذاهبهم وأخلاقهم وعقائدهم، منذ عهد الفراعنة إلى ظهور الإسلام.
٤ - وتحدث بعد ذلك فيما تحتويه من الآثار العجيبة، كالهرمين والبرابي.
٥ - وذكر عواصم مصر في القديم والحديث.
٦ - وقدامى العلماء من اليونان والروم، مستطرداً بذلك إلى ندرة من لقيه بمصر من المشتغلين بالعلم والحكمة والطب.
٧ - وعجب من جهل من لقي بها من الأطباء، ونوه بفضل بعض الأطباء البارعين.
٨ - وتحدث في ولوع المصريين بأحكام النجوم وكثرة استعمالهم لها، وأورد في ذلك نوادر وطرائف.
٩ - ثم عرج على ذكر من لقيه بها من الأدباء والظرفاء.
فهذه الرسالة تضرب بأسباب إلى علوم وفنون شتى، وتعدّ اليوم كما عدت