للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العقلانية]

التعريف:

العقلانية مذهب (*) فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي (*) الإلهي أو التجربة البشرية وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل (*) لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه.

ويحاول المذهب إثبات وجود الأفكار في عقل الإنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية أي أن الإدراك العقلي المجرد سابق على الإدراك المادي المجسد.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

العقلانية مذهب قديم جديد بنفس الوقت. برز في الفلسفة (*) اليونانية على يد سقراط وأرسطو، وبرز في الفلسفة الحديثة والمعاصرة على أيدي فلاسفة أثَّروا كثيراً في الفكر البشري أمثال: ديكارت وليبنتز وسبينوزا وغيرهم.

رينيه ديكارت ١٥٩٦ - ١٦٥٠م فيلسوف فرنسي اعتمد المنهج (*) العقلي لإثبات الوجود عامة ووجود الله على وجه أخص وذلك من مقدمة واحدة عُدت من الناحية العقلية غير قابلة للشك (*) وهي: "أنا أفكر فأنا إذن موجود".

ليبنتز: ١٦٤٦ - ١٧١٦م فيلسوف ألماني، قال بأن كل موجود حي وليس بين الموجودات مِنْ تفاوت في الحياة إلا بالدرجة - درجة تميز الإدراك - والدرجات أربع: مطلق الحي أي ما يسمى جماداً، والنبات فالحيوان فالإنسان.

وفي المجتمع الإسلامي نجد المعتزلة تقترب من العقلانية جزئيًّا، إذ اعتمدوا على العقل (*) وجعلوه أساس تفكيرهم ودفعهم هذا المنهج إلى تأويل (*) النصوص من الكتاب والسنة التي تخالف رأيهم. ولعل أهم مقولة لهم قولهم بسلطة العقل وقدرته على معرفة الحسن والقبيح ولو لم يرد بها شيء. ونقل المعتزلة الدين (*) إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية وذلك لتأثرهم بالفلسفة (*) اليونانية.

وقد فنَّد علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية وردَّ عليهم ردًّا قويًّا في كتابه درء تعارض العقل والنقل وبيّن أن صريح العقل (*) لا يمكن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل. وهناك من يحاول اليوم إحياء فكر

<<  <  ج: ص:  >  >>