للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ». أخرجه مالك وأصحاب السنن والحاكم (١).

وقوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». متفق عليه (٢).

وقوله لِعَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ في بيان أحكام الصيد: «وَإِنْ وَجَدْتَ مَع كَلْبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَد قُتِل فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنَّك لاَ تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ» متفق عليه (٣).

وهذه النصوص وأمثالها كثير قد وقع فيها التعليل للحكم من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفسه، والتعليل موجب لاتباع العلة أينما كانت، وذلك هو القياس. لأن الأصل في التعليل أن يكون لتعدية الحُكْمِ (أي نقله) إلى المواضع الأخرى التي توجد فيها العلة، وإثبات الحكم في تلك المواضع (٤).

بل إنا نلحظ في هذه الأحاديث إرشاد النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ إلى كيفية ربط الأحكام بِعِلَلِهَا، ليستخرجوا حُكْمَ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى عِلَّتِهِ من الأحكام بالطرق الاستنباطية العلمية التي تعرف بها علة الحكم في الأمر المنصوص، فيعرف بذلك حكم غير المنصوص.


(١) " الموطأ ": جـ ٢ ص ٥٣، ٥٤ وأبو داود: جـ ٣ ص ٢٥١،والترمذي: جـ ٣ ص ٥٢٨ وقال: «[حَدِيثٌ] حَسَنٌ صَحِيحٌ»، والنسائي: جـ ٧ ص ٢٦٩، وابن ماجه: برقم ٢٢٦٤، والحاكم في " المستدرك ": جـ ٣ ص ٣٨، ٣٩.
(٢) " البخاري " في (الوضوء) ضمن حديث جـ ١ ص ٣٩، ٤٠، و " مسلم " في (الطهارة): جـ ١ ص ١٦١ واللفظ لمسلم.
(٣) " البخاري " في (الذبائح والصيد): جـ ٧ ص ٨٦ و ٨٧ و ٨٨، و " مسلم " في (الصيد والذبائح): جـ ٦ ص ٥٨ واللفظ لمسلم.
(٤) " نبراس العقول ": ص ٩١.

<<  <   >  >>