للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثله عمل الصحابة بخبر الواحد:

١ - عمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بحديث عبد الرحمن بن عوف في قضية المجوس، وهم عبدة النار، حيث شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذها من مجوس هجر - يعني الجزية -، فأخذ بذلك عمر. أخرجه البخاري وغيره. (١).

٢ - كذلك عمل عمر بن الخطاب في دية الجنين، كما رواه عنه ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ عُمَرَ نَاشَدَ النَّاسَ فِي الجَنِينِ فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [بِمِسْطَحٍ] فَقَتَلَتْهَا، وَجَنِينَهَا، «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا». أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك " (٢) وأصله في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة.

فقد عمل الصحابة بحديث الواحد ولم يختلفوا في الاحتجاج بأخبار الآحاد، حتى تم إجماعهم على العمل بموجبها كما في الحديثين اللذين ذكرناهما، مما يدل على استقرار قضية العمل بخبر الواحد الصحيح لديهم، وأنها قَضِيَّةٌ مُسَلَّمَةٌ عندهم إجماعًا.

إِشْكَالٌ عَلَى عَمَلِ الصَّحَابَةِ بِخَبَرِ الوَاحِدِ:

اعترض المخالفون على ما ذكرنا ببعض ما ورد من تحري الصحابة وتثبتهم، فجعلوه اعتراضًا على دلائل إجماعهم على وجوب العمل بخبر الواحد، ولعل أشهر ذلك وأقواه هذان الحديثان:


(١) " نصب الراية ": جـ ٣ ص ٤٤٨.
(٢) " نصب الراية ": جـ ٤ ص ٣٨٤.

<<  <   >  >>