للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجوز الخطأ فيه، فهو إذن حكم بغير علم.

الثاني: أن وجوب العمل به معلوم بدليل قاطع من الإجماع فلا جهالة فيه.

الثالث: أن المراد من الآيات منع الشاهد عن جزم الشهادة بما لم يبصر ولم يسمع، والفتوى بما لم يرد ولم ينقله العدول.

الرابع: أن هذا لو دل على رد خبر الواحد لدل على رد شهادة الاثنين والأربعة والرجل والمرأتين والحكم باليمين، فكما علم بالنص في القرآن وجوب الحكم بهذه الأمور مع تجويز الكذب، فكذلك بالأخبار.

الخامس: أنه يجب تحريم نصب الخلفاء والقضاة، لأنا لا نتيقن إيمانهم فضلاً عن ورعهم، ولا نعلم طهارة أمام الصلاة عن الجنابة والحدث فليمتنع الاقتداء. انتهى.

هذا رد للإمام الغزالي على مغالطات المنكرين للعمل بالخبر الآحادي الصحيح، وهو ظاهر في إبطال مستنداتهم، ونوضح ذلك بأسلوب آخر فنقول:

أما ما ذكروه من عدم عصمة الراوي عن الكذب أو الخطأ. فهو توهم ضعيف، لا يؤبه له بإزاء ما توفر من شروط العدالة والضبط والاتصال ثم تحري السلامة من الشذوذ والإعلال، ولو فتح باب رد الأدلة والقضايا الصحيحة بالأوهام على هذا النحو لما سلم للإنسان أمر قط في شأن من شؤون حياته، والنصوص التي أوردوها قد وضعوها في غير موضعها الصحيح، وحرفوها عن المعاني التي وردت لأجلها.

وجملة ذلك ان الله تعالى نهي عباده المؤمنين أن يتبعوا ما لم يثبت عندهم بدليل مقبول في شريعة الله من نص شرعي أو برهان عقلي صحيح، وهذا معنى قوله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]،

<<  <   >  >>