للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدفع البائع للمشتري عوضًا عن نقصان ثمن الشاة، الذي تبين له باكتشاف أنها كانت مصراة.

وقد اشتهر عن الحنفية أنهم قدموا القياس على الحديث الصحيح، والقياس رأي، ومعلوم أنه لا رأي في مقابل النص.

وللحقيقة أن لفظة قياس هنا أوهمت غير المراد، وإن استعملت في بعض كتب أصول الحنفية، فإن المراد بالقياس هو الأصل الشرعي الثابت بأدلة القُرْآنِ وَالسُنَّةِ القَطْعِيَّةِ، التي توجب المساواة في العوض. مثل قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦]. وهذا عمل بالنص في الموضوع مدعم بأصول متفق عليها في المعاملات المالية (١) نحو صنيع عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في قضية فاطمة بنت قيس.

المثال الثالث: ما أخرجه مالك عن نافع عن ابن عمر: ان النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الخِيَارِ» وهو حديث متفق عليه، وهذه السلسلة أصح الاسانيد وتسمى سلسلة الذهب (٢) فقال الشافعي وأحمد بظاهر النص وهو تشريع الخيار بعد عقد البيع قبل أن يتفرق البَيِّعَانِ.

وخالف الحنيفة ومعهم الإمام مالك وهو راوي الحديث بهذا السند الذي هو أصح الأسانيد، وقالوا لهما الخيار بعد إيجاب أحدهما بقوله: «بِعْتُ» مثلاً قبل قبول الآخر بقوله: «اشْتَرَيْتُ»، والسبب في ذلك أن


(١) انظر التفصيل في كتابنا " دراسات تطبيقية "، وقد وضحنا هناك ميلنا مع الجمهور، ونبين هنا دفع الطعن عن الحنفية ومن وافقهم في أصل الفكرة مثل الزيدية وغيرهم.
(٢) انظر تخريج الحديث ودراسته في كتابنا " دراسات تطبيقية ": ص ٣٠٧ - ٣١١.

<<  <   >  >>