تثبت بمثله، إذا كان من أهل الصدق، ولا ليحدثوا أَيْضًا مثل هذا العظيم في دينهم إِلاَّ عن عِلْمٍ بَانَ لَهُمْ إِحْدَاثُهُ، ولا يدعون أنْ يخبروا رسول الله بما صنعوا منه، ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله في تحويل القبلة - وهو فرض - مِمَّا يجوز لهم (١) لقال لهم رسول الله: قد كنتم على قبلة، ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم عليكم به حُجَّةٌ من سماعكم مني أو خبر عامة أو أكثر من خبر واحد عني.
وهؤلاء في العلم والمكان من النَّبِيِّ وتقدم صحبته بالموضع الذي لا ينكره عالم، وقد كان الشراب عندهم حَلاَلاً يشربونه، فجاءهم آتٍ وأخبرهم بتحريم الخمر، فأمر أبو طلحة - وهو مالك الجرار - بكسر الجرار، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ وَلاَ هُمْ وَلاَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: نحن على تحليلها حتى نلقى رَسُولَ اللهِ مع قربه منا، أو يأتينا خبر عامة، وذلك أنهم لا يهرقون حَلاَلاً، إهراقه سرف وليسوا من أهله والحال في أنهم لا يدعون إخبار رسول الله ما فعلوا، ولا يدع لو كان ما قبلوا من خبر الواحد ليس لهم أن ينهاهم عن قبوله.