الحالات خبرًا آخر مع رجل أخبره بخبر - يشير إلى قصة أبي موسى - وأجاب بأن ذلك على ثلاثة معان:
١ - الحيطة وزيادة التأكد.
٢ - عدم معرفة المخبر.
٣ - عدم عدالة المخبر.
وذكر أن موقفه مع أبي موسى من المعنى الأول وهو الحيطة، فإن أبا موسى ثقة أمين، واستدل لذلك قوله لأبي موسى:«أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ثم أكد ذلك بأن عمر قد رويت عنه أخبار بقبوله خبر الراوي الواحد فلا يجوز أن يقبل مَرَّةً خبر الواحد، ولا يقبله مَرَّةً أخرى، ثم أخذ في إتمام سرد الأدلة على قبول خبر الواحد فقال:
٢٢ - وفي كتاب الله تبارك وتعالى دليل على ما وصفت: قال الله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}[نوح: ١]، ثم ذكر الآيات التي تخبر عن إرسال إبراهيم وإسماعيل وهود وصالح وشعيب ولوط ومحمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أقوامهم وَأُمَمِهِمْ مِمَّا يدل على أن الحُجَّةَ تقوم بالواحد. وذكر آية {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}[يس: ١٣] الخ الآيات، فظاهر الحُجَج عليهم باثنين ثم بثالث، وكذا أقام الحُجَّةَ على الأمم بواحد، وليس الزيادة في التأكيد مانعة أن تقوم الحُجَّةُ بالواحد، إذ أعطاه الله ما يباين به الخلق غير النَّبِيِّينَ.