للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٥ - سفيان عن عمرو عن سعيد بن جُبير قال: قلت لابن عباس: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ (١) يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ لَيْسَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَاس: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ مُوسَى وَالخَضِرَ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِر» (٢) فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أٌبَيْ عن رسول الله حتى يكذب به امرءًا من المُسْلِمِينَ، إذ حدثه أبَيْ بن كعب عن رسول الله بما فيه دلالة على أن موسى بني إسرائيل صاحب الخضر.

٢٦ - أخبرنا أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ (*)، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مُصْعَبٍ أَنَّ طَاوُوسًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، فَنَهَاهُ عَنْهُمَا، قَالَ طَاوُوسٌ: فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَدَعُهُمَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦].

[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: «فَرَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ الْحُجَّةَ قَائِمَةً عَلَى طَاوُوسٍ بِخَبَرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَلَّهُ بِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ الْخِيَرَةُ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا».

وطاوُوس حينئذ إنما يعلم قضاء رسول الله بخبر ابن عباس وحده، ولم يدفعه طاووس بأن يقول: هذا خبرك وحدك فلا أثبته عَنْ النَّبِيِّلأنه يمكن أن تنسى.

فإنْ قال قائل: «كره أنْ يقول هذا لابن عباس، فإنَّ ابن عباس أفضل من أنْ يَتَوَقَّى أحد أنْ يقول حَقًّا رآه، وقد نهاه عن الركعتين بعد العصر فأخبره أنه لا يَدَعَهُمَا قَبْلَ أنْ يُعْلِمَهُ أَنَّ النَبِيَّ نَهَى عَنْهُمَا.


(١) كانت أمه امرأة كعب الأحبار ويروي القصص وهو من التَّابِعِينَ من بني بكال. وهم بطن من حِمْيَرْ مات بين سَنَةِ ٩٠ وَسَنَةِ ١٠٠.
(٢) وأخرجه البخاري ومسلم.

<<  <   >  >>