وعبد الرحمن بن غنم، والحسن وابن سيرين بالبصرة، والأسود وعلقمة والشعبي بالكوفة، وَمُحَدِّثِي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم، يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله والانتهاء إليه والإفتاء به، ويقبله كل واحد منهم عَمَّنْ فوقه، ويقبله عنه من تحته.
ولو جاز لأحد من الناس أنْ يقول في علم الخاصة:«أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى تَثْبِيتِ خَبَرِ الوَاحِدِ وَالانْتِهَاءِ إِلَيْهِ، بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ فُقَهَاءِ المُسْلِمِيْنَ أَحَدٌ إلاَّ وَقَدْ ثَبَّتْهُ، جَازَ لِي، وَلَكِنْ أَقُولُ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ فُقَهَاءِ المُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوَا فِي تَثْبِيتِ خَبَرِ الوَاحِدِ بِمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ عَلَىَ كُلِّهِمْ».
وهكذا أثبت الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ - ببيان قوي وَأَدِلَّةٍ ناهضة من الكتاب وَالسُنَّةِ وعمل الصحابة والتَّابِعِينَ وتابعي التَّابِعِينَ وفقهاء المُسْلِمِينَ، وجوب العمل بخبر الواحد والأخذ به.
وفي ختام هذا البحث المبتكر فقد تبينت حجية الحديث الصحيح الآحادي بدلالته هو نفسه على ذلك، بشروطه الدقيقة المحيطة، إنها شروط تشمل جميع جوانب الدراسة في سند الحديث ورواته ومتنه إحاطة شاملة، تجعل العقل يخضع لها ويلتزم النص الذي استوفاها، وتلحق به الحسن كذلك كما عرفنا.
وقد جاءت الحجة القطعية من الآيات القرآنية والسنة المتواترة النبوية، وإجماع الصحابة وَمَنْ بَعْدَهُمْ على ذلك أيضًا، كما يُعْلَمُ من استعراض الإمام الشافعي واستقرائه العظيم الذي أوردناه.
وإنا لنرشد قارئنا الكريم وندعو كل مسلم إلى مجاهدة نفسه للتحقق باتباع النبي سيدنا محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد مَهَّدَ لنا علماؤنا السبيل لذلك بدراساتهم للأحاديث حَدِيثًا حَدِيثًا، وَبَيَّنَ فقهاؤنا الاستدلال بها، كما