للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دَلَّتْ دلائل القرآن وَالسُنَّةِ على أن المجتهدين من هذه الأُمَّةِ إذا اتفقوا على حكم شرعي فإن اتفاقهم هذا مصون من الخطل ومعصوم من الخطأ، فثبتت بذلك حُجِيَّةُ الإجماع.

قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] (١).

كذلك وجد أئمة الإسلام وفقهاء الشريعة بتتبع النصوص الشرعية أن الأحكام الشرعية ترد في كثير من الأحيان مرتبطة بِأَهْدَافٍ وَحِكَمٍ تتعلق بتحقيق مصالح الأنام، ورعاية شؤون الناس الدينية والدنيوية، فعرف من ذلك أن الأحكام غير التعبدية مُعَلَّلَةٌ بأوصاف منضبطة ترجع إلى مصالح الأُمَّةِ، فثبت بذلك حُجِّيَّةَ القِيَاسِ، وتضافرت الأدلة على حُجِّيَّتِهِ، مثل قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢].

فإن الاعتبار في الآية هو رَدُّ الشيء إلى نظيره، بأن يحكم عليه بحكمه، وهو نص عام يشمل القياس الشرعي الذي يجري في الأحكام الشرعية والقياس. العقلي والاتعاظ. وقد جاء هذا النص مُرَتَّبًا على سبب خاص وهو ما حصل لبني النضير لما طَغَوْا ونقضوا عهدهم مع النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خذلهم اللهُ تعالى، وسلط عليهم المسلمين فخربوا بيوتهم، وأجلوهم عن بلادهم، فنزلت الآية تعلن للناس مصير هؤلاء القوم ليعلموا أن كل من سلك طريقهم كانت عاقبته عاقبتهم، وجاء النص


(١) انظر الاستدلال بالآية وتقرير حُجِّيَّةَ الإجماع مفصلاً في " روضة الناظر ": جـ ٢ ص ٣٣٥ - ٣٤٦، وفي غيره من المصادر.

<<  <   >  >>