للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أعدائهم كما حصل لمحمد محمد صلى الله عليه وسلم من العون على أعدائه في غزوة بدر وحنين وفتح مكة وغيرها.

٣ - الظفر المادي والتمكين، كما قال سبحانه وتعالى:"وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ"، ومثل قوله سبحانه:"وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"، وقد مكّن الله تعالى لكثير من الأنبياء والمرسلين فظفروا بأعدائهم كما حصل لسليمان وداود عليهما السلام.

٤ - الانتقام من الأعداء وإهلاكهم في الدنيا، كما قال سبحانه وتعالى:"وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ"، وقوله:"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ". وهذا الانتقام قد يكون في حال وجود النبي بينهم، وذلك كما حصل من إهلاك الله لقوم نوح وعاد وثمود؛ فقد أهلكهم الله ونصر أنبياءه ونجى الله المؤمنين. أو يكون بعد وفاته، كما انتقم الله عز وجل ممن قتل يحيى وزكريا، حيث سلَّط عليهم أعداءهم فسفكوا دماءهم وأهانوهم، كما انتقم الله ممن أراد صلب المسيح عليه السلام من اليهود فسلط عليهم الروم فأهانوهم وقتلوهم وظهروا عليهم، وسوف ينزل عيسى ابن مريم في آخر الزمان إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً؛ فيقتل المسيح الدجال ويضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ولا يقبل إلا الإسلام وهذا من أعظم النصر.

وقد يكون هذا الانتقام معنوياً كما حصل للحجاج بن يوسف عند ما قتل سعيد بن جبير، ذاق ألوان العذاب النفسي حتى كان لا يهنأ بنوم، ويقوم من فراشه فزعاً ويقول: ما لي ولسعيد، حتى مات وهو في همه وغمه.

قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره ( ..... وما معنى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه، ومثلوا به، كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما. ومنهم من هم بقتله قومه، فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه، كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه، وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله، فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله، والمؤمنين به في الحياة الدنيا، وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت، وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟ قيل: إن لقوله): إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا (وجهين كلاهما صحيح معناه. أحدهما أن يكون معناه: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذبنا وإظفارنا بهم، حتى يقهروهم غلبة، ويذلوهم بالظفر ذلة، كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان، فأعطاهما من الملك والسلطان ما قهرا به كل كافر، وكالذي فعل بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بإظهاره على من كذبه من قومه، وإما بانتقامنا ممن حادهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذبهم وعاداهم، كالذي فعل تعالى ذكره - بنوح وقومه، من تغريق قومه وإنجائه منهم، وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه، إذ أهلكهم غرقاً، ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك، أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم، كالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه، بتسليطنا على قتله من سلطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته، وكفعلنا بقتلة يحيى،

<<  <   >  >>