للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مشابهة خلقه، ويؤمنون بما وصف الله به نفسه إيماناً مبنيّاً على أساس التنزيه، ولا يشبهونه بخلقه، ولا ينفون شيئًا أثبته (جل وعلا) لنفسِه.

هذا هو الذي ينبغي أن يُعتقد في صفات الله: أولًا: تنزيه، ثم إيمان مبني على أساس التنزيه، ثم قطع الطمع عن إدراك الكيفيات {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠)} [طه: ١١٠] هذا الذي نعتقده ونوصي إخواننا به؛ لأنه طريق سلامة محققة؛ لأنه سالم من تشبيه الله بخلقه، وسالم مِنْ نَفْيِ صِفَاتِ الله، وتكذيب الله فيما أثْبَتَهُ لنفسه، وسالم من كل سوء، طريق سلامة محققة.

ولم يبقَ إلا لو قال القائل: هذه الصفات التِي تَزْعُمون أنها منزهة ما فهمنا كيفيتها، فما نَفْهَم كيفية إتيان مُنَزه عن إتيان المخلوقين، ولا كيفية مجيء منزه عن مجيء المخلوقين، ولا كيفية استواء منزه عن استواء [٢٤/ب] المخلوقين، فبينوا لنا الكيفية؟ فنقول له:/ يا مسكين أعرفت كيفية الذات المقدسة التي اتصفت بهذه الصفات؟ فلا بد أن يقول: لا. فنقول: معرفة كيفية الاتصاف بهذه الصفات متوقفة على معرفة كيفية الذات، والله يجيء كما قال على الوجه اللائق بكماله وجلاله، على أشرف الوُجُوه وأليقها وأتمها كما قال، مع أن جميع الكائنات بيده (جل وعلا) أصغر مِنْ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، فنحن نُقرّ بما جاء عن الله، ونؤمن بما قال الله، وننزه الله تعالى أكمل التنزيه وأتمّه عن مشابهة شيء من خَلْقِه، على ضوء القرآن، وعلى غِرَار: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: آية ١١].

يقول الله جل وعلا: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيهُمُ المَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>