لا يُنْسَبُ إلى الاختلاقِ والافتراءِ، ولكن القولَ الذي جاء به غيرُ مُطَابِقٍ لِلْحَقِّ.
الوجهُ الثاني في قراءةِ {يُكْذِبُونَك}: - وهو الذي عليه الأكثرُ -: أنه تقررَ في فَنِّ التصريفِ أن من معانِي «أَفْعَلَ» إذا قلتَ: أَفْعَلتُ الرجلَ، إذا وجدتَه كذا، تقول: أَحْمَدتُهُ إذا وجدتَه حَمِيدًا، وأَبْخَلْتُه إذا وجدتَه في نفسِ الأمرِ بَخِيلاً، وأَكْذَبْتُه إذا وجدتَه في نفسِ الأمرِ كَاذِبًا، وعلى هذه القراءةِ: إن ظَنَّتْ نفوسُهم أَنَّكَ كاذبٌ، وَكَذَّبُوكَ، وقالوا: إنك كاذبٌ ساحرٌ كاهنٌ فإنهم لا يصادفونك في نفسِ الأمرِ كاذبًا، فأنتَ على حَقٍّ فيما بينَك وبينَ اللَّهِ، فَهَوِّنْ عليكَ، ولا تَثْقُلْ عَلَيْكَ افْتِرَاءَاتُهُمْ.
هذان الوجهانِ من التفسيرِ في قراءةِ {يُكْذِبُونَك} وقد قَدَّمْنَا معنَى {يُكَذِّبُونَكَ}.
{وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ} قد قَدَّمْنَا معنَى الظلمِ (١).
{بِآيَاتِ اللَّهِ} أي الشرعيةِ الدينيةِ {يَجْحَدُونَ} أي يَجْحَدُونَهَا وَيُنْكِرُونَ أنها حَقٌّ.
هذه الآيةُ تَسْلِيَةٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وتهوينٌ عليه؛ لأنكَ إذا وجدتَ إنسانًا وَقَعَ في مصيبةٍ وَبَلِيَّةٍ وقلتَ له: هذه المصيبةُ التي نَزَلَتْ بكَ قد نَزَلَتْ بإخوانٍ لكَ كرامٍ أفاضلَ، وَصَبَرُوا عليها، وكان لهم في عاقبةِ