لمّا بين الله (جل وعلا) أن الكفار يُحشرون إلى جهنم، وأنهم يضم بعضهم إلى بعض فيُركم بعضهم فوق بعض فيجعلون في نار جهنم، أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: إنهم إن انتهوا عما هم عليه من الكفر، ورجعوا إلى ما يرضي ربهم فآمنوا به وصَدَّقُوا رَسُولَهُ، يُغْفَرْ لهُمْ جَمِيع ما سلف منهم من الكفر، ولا يكون عليهم ذَنْب من جميع ما مضى. {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} يا نبي الله قل لهم {إِن يَنتَهُواْ} لم يقل له: خاطبهم، حتى يقول: إن تنتهوا يُغْفَر لكم ما قد سلف. كأنه أمره بتبليغهم: إن ينتهوا عما هم عليه من الكفر يُغفر لهم، وحذف الفاعل؛ لأن من المعلوم أنه لا يَغْفِرُ ما سَلَفَ إلا اللهُ وَحْدَهُ، ليس هو ذلك غيره، يحتمل أن يكون هو الفاعل؛ ولذا حَذَفَ الفَاعِلَ لِلْعِلْمِ به وعَدَمِ الحَاجَةِ إِلَى ذِكْرِهِ؛ لأنه معروف {يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} وقوله: {مَّا قَدْ سَلَفَ} أي: ما مَضَى قبل انتهائهم من جميع ما ارتكبوه من أنواع الكفر والمعاصي، وهذا معنى قوله: {إِن يَنتَهُواْ